الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

الصفات القيادية لنبي صلى الله عليه وسلم

 
الصفات القيادية للنبى محمد عليه الصلاة والسلام
 
 
د. توتي علوية
 
تعتبر الصفات القيادية مميزا من مميزات حياة وشخصية الرسول الكريم التى إنصهرت فى جسد الأمة الإسلامية والعالم. إنه إلى جانب تبليغه لرسالته النبيلة التى وصلت لجميع أنحاء العالم، فإن الحنكة القيادية والدروس والتعاليم التى طورها أصبحت نموذجا ومنهاجا حياتنا يقتدى به فى كل زمان ومكان نظرا لوضوحها وثبوتها وشموليتها وعدم قابليتها للتغيير وقدرتها على الإجابة عن الإشكالات والتحديات الكبرى التى تواجه الإنسان فى الحياة.  

ويمكن التجسيد لأهم الصفات الإيجابية للقيادة الحكيمة للنبى صلى الله عليه وسلم فيما يلى:  

1ـ إخراج الأمة من الظلمات إلى النور:  
لقد بعث الله سبحانه وتعالى النبى صلى الله عليه وسلم إلى البشرية فى وقت كانت فيه الجزيرة العربية وباقى أنحاء العالم تشهد تدهورا قيميا وأخلاقيا غير مسبوق فى مختلف مجالات الحياة.، لكن بفضل قيادته الحكيمة ومنهجه القويم تمكن هذا النبى العظيم فى ربع قرن من إخراج البشرية من الأزمة الخانقة التى تعيشها إلى وضع مستقر وحيوى مليىء بالأمل والتفاؤل والنجاح، شأنه فى ذلك شأن الطبيب الجراح الذى يريد أن يجرى عملية جراحية على مريض أرهقه المرض ولم يعد ينفع معه أى دواء.  

2ـ عالمية الهدف:  
كما هو معلوم فإن الأنبياء السابقون كانوا يرسلون إلى أقوام بعينها بهدف تبليغ رسالة معينة فى زمن معين ثم يخلقون بأنبياء آخرين وانتهت كل مجهوداتهم بنتائج طغى عليها عدم التواصل وتحقيق الهدف بدقة، لكن النبى صلى الله عليه وسلم بعث إلى البشرية جمعاء من دون أى تحديد ولا تمييز من حيث أن رسالته عالمية وشمولية، فكان مثل النور الساطع الذى ينطلق من بؤرة مركز لينير باقى الغرف المظلمة.  

3ـ توحيد الأمم:  
إن الصفات القيادية للنبى صلى الله عليه وسلم التى تختلف نسبيا عن صفات الأنبياء الآخرين بالنظر لطبيعة وهدف الرسالة والتحديات التى واجهها الرسول الكريم من أجل تجميع وتوحيد الأمم المشتتة داخل أمة واحدة متراحمة تجمعها عقيدة واحدة ألا وهى العقيدة الإسلامية التى تتجاوز الإختلاف فى العادات والتقاليد والجنس واللغة إلى الإيمان الصادق الذى يرقق القلوب ويلينها لبعضها البعض.  ( انما المؤمنون اخوة ) سورة الحجرات ايه 10

يستفاد من منهج ودروس النبى محمد عليه الصلاة والسلام أن الأخوة الإنسانية العالمية قاعدة أساسية يمكن الإعتماد عليها فى كل مجالات الحياة، وأن الهدف النبوى هو توحيد الأمم المتفرقة داخل أمة واحدة عالمية.      
يقول الله عز وجل فى تنزيله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )(الحجرات: من الآية13)      

4ـ جامع الصفات القيادية:    
إذا كانت الصفات القيادية للأنبياء الأوائل تجتمع إما فى حالة خاصة أو قدرة من القدرات، فإن الرسول الكريم جمع كل الصفات التى تتوفر فى الرجل القيادى، فقد كان ممثلا للإسلام، وبانيا لأخلاق الكريمة، ومعلما للأمة، إضافة إلى أنه كان مقداما، وشجاعا، وصبورا، ومخلصا، ومتواضعا… إلى غير ذلك من الصفات القيادية.  

5ـ شمولية الإنجازات:    
 
لقد شمل النجاح الباهر الذى حققه النبى صلى الله عليه وسلم كل الميادين والمجالات، ففى المجال العلمى نهض بالعلوم الشرعية والعلوم الطبيعية وشجع العلم والعلماء حيث قال:  
" أطلبوا العلم ولو كان فى الصين " أما فى المجال الأخلاقى فقد رسخ أسس الأخلاق والمبادىء العليا وأكد على أن نهوض وسقوط الأمم مرتبط إرتباطا وطيدا بطبيعة العلاقة التى تجمعهما بالقيم والأخلاق وقال فى هذا الصدد: " إنما بعثت إلا لأتم مكارم الأخلاق "  

6ـ ترسيخ قواعد السلم:    
لقد عمل الرسول الكريم على ترسيخ أركان الحياة السلمية بهدف أن تعيش الأم فى أمن وإستقرار دائمين قائمين على التعاون المتبادل فيما بينهم خصوصا بين الأمم التى تجمعها نفس العقيدة لتكون مثل البنيان المرصوص أو الجسد الواحد الذى إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. ويستفاد من ذلك مجموعة من العبر والدروس كأن يساعد الفقير الغنى، ويحترم الكبير الصغير، ويبر الصبى بوالديه، وأن تعيش الأمم فى جو من السلم والإستقرار بعيدا عن الخلاف التى يؤدى إلى الهلاك والدمار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق